رجل الغد
في هذا النص، لتسيغاي غابري-ميدهين[note:1]، تجتمع ثلاث شخصياتٍ في مكان واحد، نعرف منذ البداية أنه بالكاد يمكن أن يسمّى منزلاً. ينطبق طابع هذا المكان "القلق" على علاقات الشخصيات ببعضها وبذواتها وتصبح الإجابة عن الأسئلة الأساسية عن الموطن والهوية والصواب وحتى العقلانية مهماتِ شاقة، لا يسهل الخوف والضياع والفقر والمرض ودنو الموت إيجاد إجابات عنها، ما يستلزم المرور بنقاط كشف وتحول تصعب العودة عنها.
ترجمتها من الأمهرية إلى الإنكليزية: نافكوتي تاميرات[note:2]
ترجمة: فادي الطفيلي[note:3]
تدقيق: زين صالح[note:4]
الشخصيات
موغيس: شاب، يبلغ عمره 33 عاماً. يعمل موغيس كموظف وينفق ما يجنيه على أجار الكوخ وعلى العناية بأخيه كما نعرف أنه كان متزوجاً قبل أن تفر زوجته مع ابنهما، بعيد دخوله مشفى الأمراض النفسية. تلعب الضغوط دوراً في تحويل موغيس إلى شخصٍ حذر وبائس.
تيكولا: شقيق موغيس الأصغر، عمره 23 عاماً. لا زال تيكولا طالباً في المدرسة وهو شاب كثير التذمر وطائش ومندفع على عكس شقيقه الأكبر.
زيرفو: عم الشابين الذي جاء إلى المدينة ليزف إليهما نبأ وفاة أحد الأقارب ويحاول إعادة صلاتهما بالقرية. يعاني زيرفو من مرضٍ في أمعائه ويبقى في منزل الشابين لتلقي العلاج.
القسم الأوّل
تحت صرّة أديس أبابا، تقع بلدة غولا حيث استأجر موغيس - بعد تسديده فواتير الماء والكهرباء - كوخاً يتألّف من غرفة واحدة بحجم مطبخ، مقابل مبلغ ثلاثة عشر برّاً. الكوخ مبنيٌّ من ورق الجرائد المغرّى وكرتون الصابون طالما أنّ ما تسميه "حياةً "، هو "بيتك حتى لو دفنت فيه". صاحب المُلْك باشا تيليلا بنى الكوخ قطعةً قطعة، وألصقه بخلفيّة منزله.
المشهد 1
تيكولا: (هنيهة صمت، يتفحّص حذاءه): ما في ولا تلميذ بالصف السابع ما عندو صبّاط. في منن حتّى عندن تلاتة أو أربع صبابيط تيغيّرو... أنا، صار مارق سبع تيّام من وقت ما فختت بحصة هالنعل ونزعتلي جوز صباطي الوحيد. (يخلع فردة حذائه اليمنى ويدسّ سبابته في الثقب ما بين النعل وسقف الحذاء) هيدي هيي. بدل ما يحميني من الطرقات الوعرة، خلّا أصبع إجري يضهر ويصير عائق إضافي. بدل ما يدافع عنّي الصباط صار يعوّرني. (يعود وينتعل الحذاء ويتابع كلامه فيما ينظر إلى أصبع قدمه النافر من ثقب الحذاء) للأشخاص يلّي بدّن يكونوا عالموضة، لبس صباط مفخوت بهدلة. ما في حدا بصفنا ما عندو صباط.
موغيس: (مجففًا شعره بمنشفة، وبنبرة غير مبالية) منشان هيك عدت الصف السابع مرتين، والثالثة ع الطريق.
- وضربت أستاذك وفلّيت؟ (صمت مديد. قميص موغيس مصنوع من نايلون رقيق. ياقته غير مرتبة كما ربطة عنقه. يحمل معطفه الرمادي البالي وكأنه كتلة صوف قديمة. سرواله النايلون قديم لدرجة أنه يتماشى مع شكل ركبتيه حتّى في وضعيّة الوقوف، حيث يبرز عند الركبة شكل كرتين).
تيكولا: على كل حال، ما رح أقدر أنجح لَمَّنْ كون الوحيد بين أصحابي ما عندي صباط. بصفنا ما حدا غيري ما عندو...
موغيس: (يقاطعه، متمتماً) عقلك يلي شاغلي بالي، مش صباطك.
(صمت مديد)
تيكولا: (ناظراً إلى السقف كمن لا يبالي)
بتعرف البنات بالمدرسة شو بسمّوا الصبيان يلي ما عندن صبابيط؟
موغيس: (يبدأ بترتيب سريره) ما بدّي أعرف.
تيكولا: (متباهياً بنفسه) برأيي... برأيي...
موغيس: (مقاطعاً إيّاه) ما تبلّش جملك بـ "برأيي".
تيكولا: ليه؟
موغيس: هيك عم قلّك.
تيكولا: ليه؟
موغيس: كل شي بيبدا بـ "برأيي" بحس كأنّو رح يكون نقد سلبي.
تيكولا: شو هوّي النقد السلبي؟ شو هوّي؟
موغيس: (يوجّه نظرة متأمّلة إلى تيكولا الذي يحدق به. ويتكلّم متجهماً بعض الشيء) انسى الموضوع وخبّرني وين نمت ليلة مبارح.
..
تسيغاي غابري-ميدهين (1936-2006): شاعر وكاتب مسرحي إثيوبي. يعد واحداً من أبرز الكتّاب الإثيوبيين المعاصرين. درس غابرميدهين الدراما بعد انتهائه من دراسة القانون ولعب دوراً كبيراً في تأسيس قسم المسرح في جامعة أديس أبابا. كما عمل مديراً للمسرح القومي بين عامي 1961 و1971. كتب أكثر من 30 عملاً مسرحياً باللغتين الإنكليزية والأمهرية، كما ترجم عدّة من أعمال شكسبير وموليير إلى الأمهرية.
عُرِض هذا النص للمرة الأولى عام 1966.
نافكوتي تاميرات كاتبة أمريكية من أصل إثيوبي. ارتكزت نافكوتي في بعض أعمالها كـ "حارس موقف السيارات" على تجارب المجتمع الإثيوبي في بوسطن.
فادي الطفيلي:مؤلف وشاعر ومترجم لبناني. درس التصميم الداخلي في الجامعة اللبنانية وحصل على درجة الماستر في الدراسات الأمريكية من جامعة أمستردام. نُشرت له عدة أعمال شعرية وترجمات إلى العربية.
زين صالح: كاتب ومحرر ومترجم سوري. درس الإعلام في جامعة دمشق والنقد المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية ويعمل الآن على مشروعه المسرحي "بيت الست طاهرة"، إضافة لإكماله الدراسات العليا في ألمانيا.