الوحل

ماريا أيرين فورنيس

تقدم ماريا أيرين فورنيس[note:1] في هذا النص دراسةً لعلاقة ثلاثية، تبدأ بين ماي ولويد وكلاهما أميّان وفقيران علاوة على مرض لويد، إلى أن يدخل هنري الذي يحظى بمرتبة أعلى بسبب إجادته القراءة ويمد ماي بأملٍ زائف. يجذب كلا الرجلان، بطرق مختلفة، ماي نحو الأسفل دائماً ويجعلان من خلاصها أمراً مستحيلاً، عبر تقاطع عوامل تخلق المناخ السوداوي، كالفقر والجهل والإحباط والجنس، مفرغةً مفاهيم الحب أو التحسن من أي معنى.

ترجمة: سمر عواضة[note:2]

 

الشخصيات

ماي: امرأة شابة مفعمة بالحيوية ذات هدف محدد وعزم وجَلَد. وهي في منتصف العشرينات من العمر.
لويد: شاب أعزب طيب القلب، صعب المراس ومهمل المظهر. كتفاه منحدران، وبطنه بارزة، ويفتقد بعضاً من أسنانه. يسهم المرض في بداية المسرحية برداءة مظهره. وهو في منتصف العشرينات من العمر.
هنري: رجل ضخم الجثة، يحيط به إحساس طبيعي بالكرامة، فكره فلسفي، وبالكاد يستطيع القراءة. وهو في منتصف الخمسينات من العمر.

 

الفصل الأوّل
المشهد 1

لويد يجلس إلى اليسار، ذقنه طويلة ويبدو أنه لم يستحم منذ فترة. وهو محموم. أمّا حركاته فخرقاء وغير متجانسة. وماي تقف إلى طاولة الكي شعثاء ومهملة المظهر.

لويد: هل تظنّين أنّك تتعلّمين كثيراً في المدرسة؟

ماي: أجل.

لويد: ماذا تتعلّمين؟

ماي: مواد.

لويد: ما هي المواد؟

ماي: أشياء مختلفة.

لويد: أي أشياء؟

ماي: تريد أن تعرف؟

لويد: ما هي؟

ماي: علم الحساب.

لويد: وما المهم في علم الحساب؟ أنا أعرف علم الحساب.

ماي: أجل، صحيح.

لويد: لا تردّي عليّ. سأضربك.

ماي: حقيرٌ أنت، يا لويد. أخبرك عن علم الحساب ليكون ردك بهذه الطريقة؟ إنّك غبي. لن أخبرك شيئاً.

لويد: آه، حقاً؟

ماي: لا، لن أفعل.

لويد: إذاً، ما علم الحساب؟

ماي: وغد. لن أقول لك.

لويد: (يمشي باتجاهها) سأضاجعك إلى أن يكفهرّ وجهك! (يتوقّف ويعود أدراجه إلى الكرسي.) لا أرغب حتّى في مضاجعتك.

ماي: لأنّك لا تستطيع. لا تقدر على أن تجعله ينتصب.

لويد: حقاً؟ جعلته ينتصب أمس!

ماي: متى!

لويد: بعد الظهر!

ماي: لم أره.

لويد: لم تكوني هنا.

ماي: وأين كنت؟

لويد: في المدرسة. فاتك ذلك. جعلته ينتصب.

ماي: مع من؟

لويد: حقيرة. لن أخبرك.

ماي: مع من؟

لويد: مع نفسي. – لا أحتاج أحداً. جعلته ينتصب هنا بالذات.
(مشيراً إلى الجدار) هل ترين ذلك؟ أنا فعلت ذلك! من هنا. لم أعطه لك أو لأيّ أحد.
(يمثل حركات الانتصاب والقذف) أبقيته على حاله طالما رغبت في ذلك.
ثم أعطيته إلى الحائط. (مشيراً إلى بقعة على الحائط.) أترين. حقيرة أنت، يا ماي.

ماي: بل أنت، يا لويد.

لويد: أخبريني إذاً!

ماي: أخبرك عن ماذا؟

لويد: ما هو علم الحساب؟

ماي: إنّه أرقام.

لويد: آه، بلى!

ماي: بلى!

لويد: لماذا لم تقولي إنّه الأرقام! – أعرف الأرقام.

ماي: أنت لا تعرف الأرقام.

لويد: بلى أعرفها. (يقف) أنا لويد. عندي خنزيران. والدتي ماتت. كنت في السابعة. والدي رحل. لقد مات. (يُخرِج ثلاث عملات معدنية من جيبه) هذا مال. إنّه لي. إنّها ثلاثة قروش. أنا لويد. هذا هو علم الحساب.

ماي: هذا ليس علم الحساب.

..

تحميل النص الكامل

 

ماريا أيرين فورنيس (1930-2018): كاتبة مسرحية كوبية-أمريكية. ابتدأت فورنس مسيرتها كفنانة تشكيلية قبل أن تمتهن الكتابة المسرحية في ستينيات القرن الماضي وتكتب أكثر من 40 نصاً مسرحياً وتخرج عروضاً عدة، سواء لنصوصها أو لأعمال كلاسيكية. اشتهرت ماريا إيريس فورنس بعملها مع مسارح "Off-Off-Broadway"، واعتمادها التجريب في نصوصها المسرحية التي اختلفت عوالمها ومميزاتها بين نصٍ وآخر مع تركزيها على موضوعاتٍ تتصل بالعلاقات الإنسانية الحميمية وتفحصها في ضوء السياق الاجتماعي والاقتصادي.

maria

سمر عواضة: مدرسة لغة عربية ومترجمة من لبنان. تعمل سمر منذ عام 2001 على تعليم اللغة العربية (الفصحى واللهجة اللبنانية) للأجانب وغير الناطقين بها، إضافةً إلى عملها كمترجمة بين اللغتين العربية والإنكليزية، بعد دراستها هذا التخصص في الجامعة اللبنانية الدولية.